
رغم أن كرة القدم رياضة ترفيهية كغيرها من الألعاب الأخرى، إلا أنها تثير جنون المشجعين، حيث يصل الأمر أحيانا إلى الخروج عن النص أو وفاة بعضهم.
وتعتبر السعودية أحد أكثر الدول العربية التي تهتم بقطاع الرياضة وكرة القدم على وجه التحديد، بداية من الألفية الجديدة، وهو ما رفع حدة المنافسة والصراع الجماهيري بين جميع الأندية.
وبالحديث عن الصراع الجماهيري، فقد شهدت العديد من المباريات، بعض الأحداث المؤسفة التي لا تنسى في تاريخ الكرة السعودية.
ويسلط "كووورة " خلال السطور التالية، الضوء على واقعة خاصة بديربي العاصمة الكبير الذي جمع بين الهلال والنصر قبل 19 عاما في الدوري السعودي، وتحديدا يوم 3 ديسمبر/كانون الأول 2006.
ديربي مثير
تعود المباراة التي يتم الحديث عنها إلى موسم 2006-2007، عندما استضاف الهلال جاره اللدود النصر، في الجولة التاسعة من الدوري السعودي.
المباراة بدأت بقوة كبيرة، واستطاع الهلال تسجيل الهدف الأول، في الدقيقة السادسة عن طريق ياسر القحطاني، بعد تمريرة من محمد الشلهوب.
وتمكن الفريق النصراوي من إدراك التعادل في الدقيقة 15، عبر تسديدة صاروخية من ضياء هارون، فشل محمد الدعيع، حارس "الزعيم" في التعامل معها.
وجاءت الدقيقة 71 من الشوط الثاني، لتشهد على هدف التقدم من الليبي طارق التايب لصالح الهلال، بعدما كسر مصيدة التسلل، وتمكن من هز شباك "فارس نجد".
أزمة في الملعب
سجل طلال المشعل، لاعب النصر، هدفا قاتلا في الدقيقة الأخيرة من عمر المباراة، ولكن الحكم المساعد طلال الكابلي، قرر رافع راية التسلل، وهو ما أشعل نيران الأزمة.
تسبب قرار الكابلي في ثورة عارمة داخل الملعب، حيث اتجه إليه نجوم النصر، وحاول بعضهم الاشتباك معه، وهو ما دفع المسؤولين ورجال الأمن للتدخل.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، حيث نزل مسؤولي الناديين للملعب، إضافة لجماهير النصر، لتتوقف المباراة لأكثر من 10 دقائق، ثم أعلن الحكم نهايتها بفوز الهلال (2-1).
وحاولت جماهير النصر، الاشتباك مع الكابلي بسبب إلغاء الهدف، ولكن رجال الأمن نجحوا في حمايته، وإبعاده عن الخطر المحيط به.
إيقافات وعقوبات
وأصدر الاتحاد السعودي لكرة القدم، العديد من القرارات عقب المباراة، منها إيقاف الكابلي حتى نهاية الموسم، بعد التأكد من صحة الهدف.
كذلك، تم إيقاف طلال المشعل صاحب الهدف مباراتين، بسبب هجومه على الحكم المساعد، وتسببه في ثورة عارمة داخل الملعب.
فضلا عن نقل مباراة لفريق النصر خارج أرضه، بسبب تصرفات المشجعين الخارجة عن النص، والتي قامت بقذف زجاجات المياه، وغيرها من أعمل الشغب.
كذلك، أعلن الاتحاد السعودي عن قبول استقالة مثيب الجعيد، رئيس لجنة الحكام وقتها، وأعضاء لجنته.
تصريحات نارية
وخرج فيصل بن عبدالرحمن، رئيس النصر آنذاك، بتصريحات قال خلالها: "رئيس لجنة الحكام جاهل ولا يفقه شيئا في الكرة، وهناك حكام لا يعلمون شيئا عن القانون".
وأضاف: "الأمين العام للاتحاد السعودي فيصل عبد الهادي، أكد صحة الهدف، والمراقب الفني للمباراة طالب باحتسابه، ولكن تم إلغاء الهدف بسبب حكم الراية والساحة".
في المقابل أدان الأمير محمد بن فيصل، رئيس الهلال وقتها، الجماهير النصراوية حيث قال: "هؤلاء المشجعين تسببوا في اشتعال فتيل الأزمة، ويجب محاسبتهم".
وأتم الأمير محمد بن فيصل: "لن أتحدث عن صحة الهدف من عدمه، ولكن كل الذي أود قوله إنه يجب معاقبة جماهير النصر".
مصاصو دماء
بعد سنوات طويلة، تحدث الكابلي (حكم الراية) عن الواقعة الشهيرة، قائلا: "إذا عاد بي الزمن، سأتخذ نفس القرار، لأنه كان صحيحا، وكنت أتمنى تواجد تقنية فيديو في هذا الوقت، لتكشف الحقيقة".
وأكمل: "من وجهة نظري هي واحدة من أمتع المباريات التي لعبتها، وأتذكر أنني رفضت الخروج من الملعب، مع قوات الأمن الخاصة بعد التهديدات التي تلقيتها، وطلبت النوم في الغرفة الخاصة بالحكام في الملعب حتى اليوم الثاني".
ووصف الكابلي جماهير النصر بـ "مصاصي الدماء"، قائلا: "لقد شاهدت منهم ما لم أشاهده في حياتي، لأنهم كانوا يرغبون في الإمساك بي داخل وخارج الملعب".
واختتم: "قام أحد الأشخاص بإطلاق رصاصة على سيارتي، بعد العودة لمقر عملي في مدينة تبوك، فهي أحداث لا تنسى".